الأربعاء، 31 مارس 2010

عالـــــم طـوابيـــر طـوابيـــر (سلسلة من أجلك أنت)



استيقظت في السادسة صباحاً كعادتي .. ارتديت ملابسي .. خرجت من بيتي دون حتى أن أغسل وجهي .. سرت في الطريق ....


نظرت عن يميني فإذا بي أرى مردسة .. ولكنها ليست كأي مدرسة .. إنها مدرسة أثرية جدرانها أشبه بجدران المعابد الفرعونية .. فالجدران مرشومة كتابة ولا أجدعه معبد فرعوني!!
وسور المدرسة .. سور المدرسة محاط بالقمامة من جميييع الجهات .. هذا بالإضافة إلى أن المدرسة عتيقة من أيام ستي عدلات!!!


ونظرت عن شمالي فإذا بي أرى مقهى بلدي .. مقهى بلدي مقابل للمدرسة .. وصوت أم كلثوم ينبعث من المقهى وكأن كروان يشدو .. وقتها تمنيت لو عاد بي الزمن وكانت مدرستي كهذه المدرسة .. فأستمع إلى أم كلثوم طوال الحصص .. وأيضاً أستطيع أن أنط من على سور المدرسة بكل سهولة حيث أن طوله لا يتجاوز متراً واحداً .. !!


أكملت سيري والحيوانات تلاحقني في كل مكان .. فلا يخلو شارع من حمار أو جاموسة أو أي من تلك الحيوانات الأليفة التي تطربنا بنهيقها ونعيرها طول النهار والليل .. هذا بالإضافة إلى رائحة المسك التي تخرج منا!!!!!


وأثناء سيري وقعت عيني على آلاف بل ملايين المشاهد العجيبة التي تميز بلدنا عن غيره .. ولكني كنت أحاول ألا ألتفت لأي منها حتى أستطيع الوصول بسررررعة إلى غرضي .......

وصلت أخييييييييراً إلى مقر المعركة !!!

وقفت في الطابور أنتظر دوري ... وفجأة جاء رجل عينه معمصة ورائحة فمه كريهة .. فأدركت أنه زي حالاتي استيقظ من نومه وجاء مسرعاً دون أن يغسل وجهه !!




جذبني الرجل من ملابسي وقال لي: ده مكاني يا مدام الحكاية مش نقصاكي !
فنظرت إليه (من فوق لتحت) وقلت له: آنسة من فضلك !!!
فرد: آنسة .. مدام ... كله محصّل بعضه .... وبعدين مش شغلي .. المهم أنا عايز أقف في مكاني وخلاص .. أنا جاي هنا من ساعة ادان الفجر ...
فتركت له المكان ووقفت في مكان آخر ......


وبينما أنا كذلك أنتظر الفرج .. إذ بصوت يعلو: امشي يا ابن الـ ......... .. جتكوا القرف .. ولا عشان تعرفه يعني؟؟ إيه البلد بنت الـ ......... دي ؟!!!!!
وغمزت السيدة التي كانت تقف أمامي وسألتها عن سبب صراخ هذا الرجل بهذه الطريقة .. فأخبرتني أن رجلاً جاء واقتحم الصف وأخذ المعلوم وانصرف دوووووون أن يقف في الطابور .. وهذا لأن صاحب المكان معرفة!!!!


وبعد طابور طوييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييل ومعارك دامية جاء دوري!!
- عايزة باتنين جنيع عيش يا أخينا!
- اتنين جنيه يا ولاد الـ ........ احنا هنهزر ولا إيه؟؟ هو جنيه واحد مفيش غيره!!!!
ثم أحضر لي الأرغفة وانطلقت مسرعة حتى أستطيع أن أتناول فطوري قبل صلاة الظهر!!!


وطول طريقي أقابل أناساً ينظرون إليّ بتعجب ويقولون: انتي ازاي عرفتي تجيبي عيش؟؟ ده احنا بنقف في الطابور لحد العصرية ومش بنلاقي لقمة حتى!!
وكان الكل يرمقني بنظرات كلها حقد وغل .. فاشتريت كيساً أسوداً وخبأت فيه الأرغفة بسرعة خوفاً عليها من الحسد!!!!


وصلت إلى بيتي بعد أن اشتريت الطعمية من عند خالتي سعاد قلية ملكة الطعمية ..

أحضرت طبقاً ووضعت فيه الطعمية وبدأت في الأكل .. ومع أول لقمة وجدت فمي قد امتلأ بالزلط .. فنظرت مندهشة إلى الطعام ودققت النظر .. فوجدت رغيف العيش ممتلئاً .. إشي حصو وإشي زلط وإشي فتافيت ورق .......

فكرت في إلقاء الطعمية في الزبالة ولكني عدت وقلت لنفسي: طيب وإيه يعني؟؟ ده المصريين بياكلوا الزلط .. وبعدين أكلة تفوت ولا حد يموت!!!!


وأمسكت بورقة الجرنال التي كانت تلف الطعمية فوجدت عليها شعار الحزب الوطني: من أجلك أنت!

وكنت في حيرة شديدة .. تُرى من أنت هذا الذي يتحدثون عنه؟!! أهو صاحب واسطة .. أم ذو قرابة .. أم من المؤيدين للحزب الوطني؟؟


ثم طردت هذه الأفكار سريعاً من عقلي وقلت: وأنا مالي ما يكون اللي يكونه .. أنا إيش حشرني في السياسة .. يلا ربنا يزيد ويبارك يا سي أنت!!!!


وبعد أن انتهيت من فطوري خرجت من بيتي وانطلقت لأنهي بعض الأوراق الرسمية الخاصة بي .. وعندما وصلت كدت أن أُجَن: يااااادي المصيبة .. طابور تاني؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟



ولكني استسلمت للأمر الواقع ووقفت في الطابور ..

نظرت عن يميني فوجدت موظفاً جالساً على مكتبه بيحل كلمات متقاطعة .. وعن شمالي موظفة بتقمع بامية .. وورائي موظفة أخرى تتحدث في الهاتف:

- أيوة يا أم إبراهيم معاكي .... ألا بقول لك إيه .. هي الطماطم بكام النهارده؟؟
- .................................
- إيه ده يا اخواتي ..دي كانت لسة السوق اللي فات باتنين جنيه .. صدق اللي قال مجنونة يا قوطة!! طيب نرجع لموضوعنا .. بتقولي أبو إبراهيم سابلك البيت ليه؟
- ..................................
- بس انتي اللي غلطانة .. إنتي لو كنتي عوّدتيه من الأول إن شغل البيت بالنص وإنك مش خدامة عنده مكانش عمل كده!
- ..................................
- صحيح رجالة مش لاقية اللي يلمّها!!!!! آه من حق .. سمعت ان البت عفاف اتخطبت
- ..................................
- والعريس بقى بيشتغل ايه؟
- ..................................
- بس اوعي تنسي .. لازم تطلبي مهر شبكة محترمين .... والعفش .. انتريه وسفرة واوضة نوم .... والشقة لازم تبقى اربع اوض .. اصل خدي بالك الر......................


وفجأة سمعت صوتاً: أيوة يا مدام عايزة إيه؟؟
فنظرت أمامي فإذا بي وصلت أخيييييييييييراً إلى الموظف .. فقلت له: آنسة من فضلك!!
فنفخ نفخة كدت أطير على إثرها ثم قال:

- خلاص حقك عليا .. آنسة .. عايزة ايه يا آنسة؟؟؟؟؟ خلصيني بقى عشان مش فاضيلك
- لو سمحت كنت عايزة اختم الورقة دي
- معاكي البطاقة؟؟
- أيوة .. اتفضل
- طيب وشهادة الميلاد؟
- لا حضرتك المرة اللي فاتت طلبت مني البطاقة بس
- انتي هتعرفيني شغلي ولا ايه؟؟ بقول عايز شهادة الميلاد .. الورقة دي مش هتتختم إلا بشهادة الميلاد .. يلا .. هي رزالة بقى!
- يا أستاذ اصـ.............
- يلا اللي بعده


عدت إلى البيت خائبة الأمل .. وبدأت أتمتم بعبارات سريعة لا يُفهَم معناها .. وبداخلي أحاسيس متضاربة ما بين السخط على حال البلد واللعن للطوابير واللي اخترعوها واليأس والإحباط ......
وبينما أنا كذلك إذ بأختي تدخل عليّ وتنظر وكأنها لقت لقية وتقول: كويس إنك جيتي .. تعالي معايا بقى علشان أعمل البطاقة ..


ذهبت معها .. وكانت تحدثني طول الطريق عن سعادتها البالغة لأنها أتمت السادسة عشر وأخيراً ستقوم بعمل بطاقة وهتتحسب فرد على الدولة .. وكنت أنا سارحة في مشاكلي لا أسمع من حديثها إلا عبارات سريعة في مواضيع مختلفة .. ولكني لم أرد على أي منها ...


ثم قالت: احنا بعد ما نعمل البطاقة نروح نشتري شوية هدوم وبعدين نعدي بالمرة على عمتك نفيسة وبعد كده نروح نلحق نتغدى قبل العصر
فنظرت إليها بابتسامة كلها يأس وقلت في نفسي: قبل العصر آه .. ابقي قابليني!


وعندما وصلنا وجدنا طااااابور طوييييييل عريييييييض .....
نظرتْ أختي باستغراب وقالت: إيه ده .. احنا لسة هنستنى كل ده؟؟ ده احنا كده مش هنعمل البطاقة النهارده ...
فقلت لها: قصدك مش هنعملها السنة دي!




ووجدنا رجلاً يخترق الطابور هو وابنه ثم غاب دقائق وخرج ومعه البطاقة
فقالت لي: طيب ما تيجي ندخل زي الراجل ده!
فتدخلت سيدة في الحوار دون سابق إنذار وقالت لأختي: إنتي طيبة أوي ي بنتي ..
ثم قالت لي: أصل الراجل ده معـ.......
فقاطعتُها: عارفة .. معاه واسطة


وبدأت السيدة في سرد حكايتها:
أنا يا بنتي واقفة هنا من صباحية ربنا .. عايزة أعمل بطاقة لبنتي .. والطابور مش راضي يخلص .. وجيت هنا قبل كده كتير .. كل شوية يقولولي ور........
قاطعتُها ثانية: ورق ناقص
تابعَتْ: مش عارفة بس اعمل لهم ايه .. أنا تعبت والله يا بنتي ....


ثم دخلت في حكاية ثانية:

- ده انا حتى رحت امبارح علشان اصرف معاش جوزي ألف رحمة ونور عليه .. اترحّمي يا اختي اترحّمي ..
- (بضيق) الله يرحمه يا حاجة
- وبعدين يا اختي آل إيه .. لازم شهادة الوفاة والبطاقة وقسيمة الجواز وحاجات كتير كده .. قعدت اتحايل على الراجل واترجّاه .. وهو يا ختي ولا كأنه سامعني .. وقام قايل الـ.........
- اللي بعده .. قال اللي بعده
- الله يرحمك يا ابو محمد .. اترحّمي يا اختي اترحّمي
- (بغيظ) الله يرحمه
- وهو جاب أجله غير كده؟؟ كان كل شوية واقف في طابور ورايح وجاي .. كان تعبان آخر تعب .. وهو ده يا اختي اللي جابله الكافية .. اترحّمي يا اختـ.........
- (بصوت مرتفع) بقول لك ايه يا ست انتي .. انا مش نقصاكي .. أنا خلاص روحي بقت في مناخيري .. حطي لسان جوه بقك وخلّي اليوم اللي ما يعلم بيه الا ربنا ده يعدّي على خير

نظرتْ إليّ (من فوق لتحت) ثم قالت: إيه يا اختي الناس دي؟!
ثم غمزتْ سيدة أخرى وكأن شيئاً لم يحدث: جوزي بقى كان بيشتغل مـ.............


حاولت تهدئة نفسي وتجاهلت تلك السيدة .. ونظرت للطابور ثم صحت (بفرح):
الطابور خلص .. مش فاضل غير عشرة .. ياما انت كريم يارب

وهنا كانت الصاعقة .. خرج الموظف ممسكاً بالقفل وهَمّ بقفل الباب وهو يقول: يلا يا جماعة يلا .. فوتوا علينا بكرة!!!!!!!!!


فانصرفْت وأنا أصرخ: طوابير طوابير .. إيه العالم دي؟ حاجة تخنق ... كل مكان طابور ... وأقفي في مكانك يا مدام .. واللي بعده .. وفوت علينا بكرة يا سيد .... يخرب بيت الطوابير ع اللي اخترعوا الطوابير ع اللي بيقفوا في الطوابير!!!!!!!


ويقولك من أجلك أنت!!
طوابير من أجلك أنت!
ضغط من أجلك أنت!
حرقة دم من أجلك أنت!
هه .. آل من أجلك أنت آل!!!!!




بقلــــــــــم



غــاويـــــة مشــاكــــــــــــــــــــــل






اقرأ أيضاً في هذه السلسلة .. :

الأحد، 28 مارس 2010

من أجلك يا ولي العهد1 (سلسلة من أجلك أنت)






من أجلك أنت ...

هندوس كرامة الشعب أكتر ماهي منداسة
هنجوّع الشعب ونفقره ونخلّي الناس محتاسة
هنخلّي الكل زعلان طهقان وبيطلب إغاثة
هنوفر لك الأمن والأمان وكرسيك عليه حراسة
هننفذ أوامرك بدون تحليل أو دراسة
والموظف الحكومي هنسوق عليه الغلاسة
اشتغل واتعب واتمرمط حتى ف يوم الأجازة
واذا فكّر بس يكون عريس نبوظله الجوازة
واذا مات ما يلاقي حتى تكاليف الجنازة
طبعاً ما الكل خدّامك وتحت طوعك يا لذاذة
وكل اللي بنعمله علشان جنابك يا رياسة

علشان جنابك يا رياسة




بقلـــــــــــــــــــــــــــــــــــم


غـــاويـــــــــــة مشــاكــــــــــــــــــــــل





اقرأ أيضاً في هذه السلسلة .. :

من أجلك أنت




من أجلك أنت ..

شعار رفعه الحزب الوطني الحاكم في مؤتمره السادس في أكتوبر الماضي

تُرى .. مَن أنت هذا الذي يتحدثون عنه ؟؟ وماذا سيفعلون من أجل المحظوظ أنت ؟؟؟

هل يقصدون بهذا الأنت الشعب الغلبان المحتاس المضحوك عليه ؟؟؟!!
أم أنه السيد المبجل ولي العهد وحاكم مصر المستقبلي ؟؟؟
أم أنه لفظ عام لكل من أيد الحزب الوطني وكان شاطر وبيسمع الكلام ؟؟؟

وإن كان هو الشعب حقاً فماذا سيقدمون له ؟؟؟
ولماذا لم نرَ حتى الآن أي خطوة إيجابية لتحقيق هذا الشعار على أرض الواقع ؟؟؟؟؟؟
أسئلة تظرح نفسها .... ولا نجد لها جواباً
لذلك ...
يحلل كل فرد هذا الشعار المبهم من وجهة نظره وكيفما يرى وحسبما يتضح له

وانطلاقاً من هذا المبدأ سأقدم لحضراتكم تحليلي المتواضع لهذا الشعار ...
ولكن ...
لن يكون هذا التحليل مبنياً على خيالات أو أحلام أو وجهة نظر ...
وإنما ...
سيكون من صميم الواقع الذي نعيشه



من أجلك أنت .....

سلسلة تحكي معاناة اشعب المصري وآلامه ... وتصف فقره وغلبه ... وتجسد مشاكله وهمومه .....
وتبين ما يحمله هذا الشعار من معاني ... وما تحويه تلك الكلمات - على قلتها - من مرادفات ... وما تخفيه هذه الحروف من خبايا وأسرار



من أجلك أنت .....

قصتي مع الحيـــــــــــــاة

فانتظرووووووووووها





بقلــــــــــــــــــــــــــم


غــاويـــــة مشــــاكـــــــــــــــــــــــــل